الرئيسية مقالات في الادارة

الإدارة بالتجوال .. ما أحوجنا إليها الآن..!

في الماضي القريب كان المعتاد والمألوف أن يظل الرؤساء والمديرون قابعين خلف مكاتبهم لا يغادرونها إلا للذهاب إلى بيوتهم، وكان معتاداً ومألوفاً ألا يطالع الموظفون والعاملون طلعة سعادته البهية إلا نادراً وبالصدفة، وكان معتاداً ومألوفاً أن تتحول علاقة المدير بمرؤوسيه إلى علاقة مستندية تسيرها المستندات والأوراق، وكان معتاداً ومألوفاً أيضاً أن يكون المدير هو آخر من يعلم وإن علم فلا يعلم إلا القليل، وكيف يعلم وهو هناك في برجه العاجي ومرؤوسوه وموظفوه وعملاؤه هنا على الأرض يتحركون ويتناوشون ويتصارعون وربما يهملون ويفسدون، المدير أو الرئيس كان قابعاً هناك وكل ما تربطه بالأحداث والأشخاص تقارير ومعلومات تفتقر للموضوعية وتتشكل بألوان شخصية بحتة. تغيرت الأحوال ولم تعد مؤسسات اليوم مثل مؤسسات الأمس كما لم يعد الناس اليوم مثلما كانوا في الأمس، وأصبحت القدرة على اتخاذ القرارات الفعالة مرتبطة إلى حد كبير بالمشاهدة القريبة والملاحظة الدقيقة. في عام 1982 قدم الباحثان المتخصصان في الإدارة (توم بيتر، ولترمان) كتابهما الذائع الصيت ( البحث عن التميّز) وعرضا في الكتاب مفاهيم وآليات جديدة للادارة كان من بينها مفهوم ( الادارة بالتجوالManagement By Walking Around) والذي يشير إلى حتمية تنازل المدير عن رفاهية الجلوس في مكتبه والتحرك المستمر بين الإدارات والموظفين ليشاهد ويسجل ويحلل ويوجه ويحاسب ويقرر، ولم يتحدث الباحثان بشكل نظري ولكن عرضا نماذج متنوعة لشركات عالمية لا يكف رؤساؤها ومديروها عن التجوال وهذا كان واحداً من أسرار نجاحها… هذا التوجه الذي ظهر في القرن العشرين فعله عمر بن الخطاب منذ زمن بعيد عندما كان يحرص على التجوال ليلاً ونهاراً وتفقد أحوال الناس تطبيقاً لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، نحن في مؤسساتنا وخاصة الرسمية والحكومية في أمس الحاجة الآن لتطبيق هذا المفهوم، ولن أتردد في توجيه هذا المطلب تحديداً للمسؤولين في  المناطق في المملكة وكلي ثقة أنهم سيتقبلون ما أطلبه بصدر رحب، آن الأوان كي يتحرك المسؤولون الكرام في الميدان، لن نثقل عليهم ولكن يوماً واحداً كل أسبوع سيكون كافياً تماماً لتحريك المياه الراكدة، يوماً واحداً يتحرك فيه المسؤول  ويقوم بزيارة مفاجئة وغير مرتبة وغير معروفة حتى لأقرب مساعديه، ربما نراه على الطريق، أو نراه في المتنزه، أو نراه في المطار،  أو نراه في الجوازات، أو نراه في الجامعة أو في أي مكان يقدم خدمات للناس، بهذه الزيارات المستمرة والمفاجئة سيستطيع المسؤول  ومساعدوه أن يكوّنوا رؤية واقعية بشأن الكثير من الأمور، وسيضع هذا التوجه المسؤولين في القطاعات المختلفة تحت ضغط مستمر يجبرهم على تصحيح مساراتهم والوفاء بمسؤولياتهم، وهذا أيضاً سيبرز المجتهدين منهم والأكفاء،  أيضاً سيقترب المسؤولون كثيراً من المواطنين، سيستمعون إليهم ويعرفون مشكلاتهم واحتياجاتهم، سيشكل هذا التوجه فارقاً كبيراً خاصة مع دوامه واستمراريته.

قد يعجبك أيضًا
رؤية 2030 غير قابلة للتخزين..!
ادارة الدول وادارة الشركات… القواسم المشتركة
احذر استراتيجية النسر الخاسر

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة