الرئيسية مقالات عامة

أين يدق المسمار؟

كان هناك رجلاً يعانى من مشكلة مزمنة في منزله. أرضية إحدى الغرف يصدر عنها صرير وقد فشلت جميع محاولاته في إصلاح هذه المشكلة. في النهاية استدعى صاحبنا نجارا أخبروه أنه ماهر جداً.. جاء النجار وسار في الغرفة وسمع الصرير.. تناول صندوق العدة وأخرج منه مطرقة ومسماراً.. دق النجار المسمار في الأرضية بثلاثة دقائق.. اختفي الصرير إلى الأبد، أخرج النجار إيصال الفاتورة وكتب عليها إجمالي أجره 45 دولاراً. وفق هذا الأجر، كتب النجار بندين في سطرين: دق المسمار دولاران، معرفة موضع دق المسمار 43 دولاراً. هذه القصة قد تصلح مجتمعاً بأكمله فقط إذا قرأنا ما وراء السطور، إن الأمر يتعلق بوجود مشكلة ما تؤرق صاحبها وعندما لم يتمكن من معرفة أسبابها، طلب المساعدة من شخص آخر، هذه الشخص كل ما فعله هو إدراك موطن الداء ومن ثم الاختيار الصحيح للدواء. كل المجتمعات تعانى من مشكلات هذا هو الوضع الطبيعي، ولكن ليس كل المجتمعات تستطيع أن تواجه مشكلاتها بطريقة فعالة. في المجتمعات التي يرى الكثيرون أنها مجتمعات متقدمة وأقصد بها المجتمعات الغربية، هذه المجتمعات تواجه مشكلات متعددة ، ولكن ما يميز هذه المجتمعات أنها تتعامل مع مشكلاتها بدرجة مرتفعة من الشفافية والواقعية، وتتكاتف العديد من القوى داخل هذه المجتمعات في سبيل حل هذه المشكلات، ومن ثم يستطيعوا أن يجدوا حلولاً فعالة لها أو على اقل تقدير يضعوها تحت السيطرة، والأكثر من ذلك أنهم يتعلمون من مشكلاتهم ويستخلصوا دروساً وعظات تظل نصب أعينهم دائماً. في مجتمعات أخرى هناك مشكلات أيضا وقد تكون هذه المشكلات أكثر ضراوة وسخونة، مثلا: مشكلة البطالة، مشكلة انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، مشكلة الفقر، مشكلة انخفاض الإنتاجية، مشكلة الصراعات الطائفية، مشكلة هجرة الكفاءات..الخ مشكلات تستدعى مواقف واتجاهات حازمة وحكيمة في ذات الوقت لأنها قد تعصف بطموحات أي مجتمع في التقدم. لا يوجد هناك مجتمعات بدون مشاكل وليس الخطورة من وجود تلك المشاكل، لكن المشكلة الحقيقية هي عدم القدرة أو عدم الجرأة في التوجه مباشرة إلى المصدر الحقيقي لتلك المشاكل، تجنب إثارة قضايا تجلب المتاعب، ومن ثم يتم الاجتهاد في تقديم حلول هي في الأصل عبارة عن مسكنات للألم، وسرعان ما يزول المسكن ويعود الألم. دعونا نتحدث بقدر أكبر من الشفافية، في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية وفي عصرنا الحالي هناك الكثير من المشكلات، منها ما يأخذ بعداً اقتصادياً، ومنها ما يأخذ بعداً سياسياً، ومنها ما يأخذ بعداً اجتماعياً، ومنها ما يأخذ بعداً ثقافيا، تخطئ السلطة السياسية في هذه المجتمعات عندما تعتقد أن الحلول يجب أن تتعامل مع المواقف العارضة، ومع من يثيروا هذه المشكلات ويصعدوا بها إلى فوهة البركان، وتخطيء المجتمعات ذاتها إذا تصورت أن السلطة السياسية تقف دائما وراء جميع المشكلات التي تنغص عليهم حياتهم، ومثلما بحث الرجل صاحب المنزل عن النجار الماهر الذي يعرف كيف يعالج المشكلة ويستطيع أن يحدد الموضع الذي يدق فيه المسمار، علينا أيضاً أن نمنح المسؤولية في كل مواقعنا لرجال ماهرين ندعمهم ونساندهم في سبيل تحديد المواضع التي تدق فيها المسامير، في كل موقع نحن بحاجة إلى نجار ماهر أكثر من احتياجنا لنظريات ورؤى بعيدة عن واقعنا تحمل بطاقة هوية ليست بهويتنا.

قد يعجبك أيضًا
وُلد ليبيع..!
خدعوك فقالوا …! (1)
كيف نحمي رؤية 2030..؟!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة